اعلم أن أشرفَ أوقات الذكر في النهار، الذكرُ بعد صلاة الصبح.
قال رسولُ
اللَّه صلى اللّه عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى الفَجْرِ في جَماعَةٍ ثُمَّ
قَعَدَ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعالى حتَّى تَطْلُعَ الشَمْسُ، ثُمَّ صَلَّى
رَكْعَتَيْنِ كانَتْ كأجْرِ حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تامَّةٍ تامةٍ تامةٍ" قال الترمذي: حديث حسن. (1)
أن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "مَنْ قالَ فِي دُبُرِ صَلاةِ
الصُّبْحِ وَهُوَ ثانٍ رِجْلَيهِ قَبْلَ أنْ يَتَكَلَّمَ: لا إِلهَ
إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ
يُحْيي وَيُمِيتُ وَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مرَّاتٍ كُتِبَ
لَهُ عَشْرُ حَسَناتٍ، ومُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ
عَشْرُ دَرَجاتٍ، وكانَ يَوْمَهُ ذلكَ فِي حِرْزٍ مِنْ كُلّ مَكْرُوهٍ
وَحُرِسَ مِنَ الشَّيْطانِ ولَمْ يَنْبَغِ لِذَنْبٍ أنْ يُدْرِكَهُ في ذلكَ
اليَوْمِ إِلاَّ الشِّرْكَ باللَّهِ تَعالى". قال الترمذي: هذا حديث حسن، وفي بعض النسخ: صحيح. (2)
عن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه أسرّ إليه فقال: إذَا انْصَرَفْتَ مِنْ
صَلاةِ المَغْرِبِ فَقُلِ: اللَّهُمَّ أجِرْنِي مِنَ النَّارِ سَبْعَ
مَرَّاتٍ، فإنَّكَ إذَا قُلْتَ ذلكَ ثُمَّ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ كُتِبَ
لَكَ جِوَارٌ مِنْها، وإذَا صَلَّيْتَ الصُّبْحَ فَقُلْ كذَلِكَ، فإنَّكَ
إنْ مُتَّ مِنْ يَوْمِكَ كُتِبَ لَكَ جِوَارٌ مِنْها".
4/168 وروينا في مسند الإِمام أحمد وسنن ابن ماجه وكتاب ابن السنيّ، عن أُمّ سلمة رضي اللّه عنها قالت:
كان رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا صلى الصبح قال: "اللَّهُمَّ إني أسألُكَ
عِلْماً نافِعاً، وعَمَلاً مُتَقَبَّلاً، وَرِزْقاً طَيِّباً".
أن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يحرّك شفتيه بعد صلاة الفجر بشيء، فقلت:
يارسول اللّه! ما هذا الذي تقول؟ قال: "اللَّهُمَّ بِكَ أُحاوِلُ،
وَبِكَ أُصَاوِلُ، وَبِكَ أُقاتِلُ" والأحاديث بمعنى ما ذكرته
كثيرة، وسيأتي في الباب الآتي من بيان الأذكار التي تقال في أوّل النهار ما
تقرّ به العيون إن شاء اللّه تعالى.
وروينا عن أبي محمد البغوي في شرح السنّة قال: قال
علقمة بن قيس: بلغنا أن الأرض تعجّ إلى اللّه تعالى من نومة العالِم بعد
صلاة الصبح (5) . واللّه أعلم.
اعلم أن هذا البابَ واسعٌ جداً ليس في الكتاب بابٌ
أوسعَ منه، وأنا أذكرُ إن شاء اللّه تعالى فيه جملاً من مختصراته، فمن
وُفِّق للعمل بكلّها فهي نعمة وفضل من اللّه تعالى عليه وطوبى له، ومن عجز
عن جميعها فليقتصرْ من مختصراتها على ما شاء ولو كان ذكراً واحداً.
والأصلُ في هذا الباب من القرآن العزيز قولُ اللّه سبحانه وتعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها} طه:130 وقال تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بالْعَشِيّ والإِبْكارِ} غافر:55 وقال تعالى: {وَ اذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بالغُدُوّ والآصَالِ} الأعراف:205 قال أهل اللغة: الآصال جمع أصيل: وهو ما بين العصر والمغرب. وقال تعالى: {وَلاتَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ}الأنعام:52 قال أهل اللغة: العشيّ: ما بين زوال الشمس وغروبها. وقال تعالى: {فِي
بُيُوتٍ أذِنَ اللَّهُ أنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ، يُسَبِّحُ
لَهُ فِيها بالْغُدُوّ والآصَالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلاَ
بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ}النور:36 الآية.
وقال تعالى: {إنَّا سَخَّرْنا الجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بالْعَشِيّ وَالإِشْرَاقِ} ص:18.
عن النبيّ
صلى اللّه عليه وسلم قال: "سَيِّدُ الاسْتِغْفَارِ: اللَّهُمَّ أنْتَ
رَبِّي لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا على
عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ،
وَأبُوءُ بِذَنبي، فاغْفِرْ لي فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ
أَنْتَ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ ما صَنَعْتُ. إذا قال ذلك حين يُمسي فمات
دخل الجنة، أو كان من أهل الجنة، وإذا قال حين يُصبح فمات من يومه، مثله"معنى أبوء: أقرُّ وأعتر(7)
قال رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مَنْ قالَ حِينَ يُصْبحُ وَحِينَ
يُمْسِي: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ مِئَةَ مَرَّةٍ لَمْ يأْتِ أحَدٌ
يَوْمَ القِيامَةِ بأفْضَلَ مِمَّا جاءَ بِهِ إِلاَّ أحَدٌ قالَ مثْلَ ما
قالَ أوْ زَادَ عَلَيْهِ" وفي رواية أبي داود "سُبْحانَ اللَّهِ
العَظيمِ وبِحَمْدِهِ".
3/172 وروينا في سنن أبي داود والترمذي والنسائي وغيرهما بالأسانيد الصحيحة، عن عبد اللّه بن خُبيب ـ بضم الخاء المعجمة ـ رضي اللّه عنه قال:
خرجنا في
ليلة مطر وظلمة شديدة نطلب النبيّ صلى اللّه عليه وسلم ليصلي لنا فأدركناه
فقال: "قُلْ، فلم أقل شيئاً، ثم قال: قُلْ، فلم أقل شيئاً، ثم قال:
قُلْ، فقلت: يارسول اللّه! ما أقول؟ قال: قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ
وَالمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِي وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ
تَكْفِيكَ مِنْ كُلّ شَيْءٍ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
4/173 وروينا في سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه وغيرها بالأسانيد الصحيحة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه،
عن النبيّ
صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول إذا أصبح: "اللَّهُمَّ بِكَ
أصْبَحْنا، وَبِكَ أمْسَيْنا، وَبِكَ نَحْيا، وَبِكَ نَمُوتُ وَإِلَيْكَ
النُّشُورُ؛ وإذا أمسى قال: اللَّهُمَّ بِكَ أمْسَيْنا، وَبِكَ نَحْيا،
وَبِكَ نَمُوتُ وَإِلَيْكَ النُّشُورُ" قال الترمذي: حديث حسن.(10)
أن النبيّ
صلى اللّه عليه وسلم كان إذا كان في سفر أو سحر يقول: "سَمَّعَ سامِعٌ
بِحَمْدِ اللَّهِ وَحُسْنِ بَلائِهِ عَلَيْنا، رَبَّنا صَاحِبْنا، وأفْضِلْ
عَلَيْنا، عائِذاً باللَّهِ منَ النَّارِ" قال القاضي عياض وصاحب
المطالع وغيرهما: سمَّعَ بفتح الميم المشدّدة، ومعناه: بلّغ سامع قولي
هذا لغيره، تنبيهاً على الذكر في السحَر والدعاء في ذلك الوقت، وضبطه
الخطابي وغيره سَمِعَ بكسر الميم المخففة؛ قال الإِمام أبو سليمان
الخطابي: سَمِعَ سامِعٌ معناه: شهدَ شاهدٌ. وحقيقته: ليسمعِ
السامعُ وليشهد الشاهدُ حَمْدنا اللّه تعالى على نعمته وحسن بلائه.
كان النبيّ
صلى اللّه عليه وسلم إذا أمسى قال: "أمْسَيْنا وأمْسَى المُلْكُ
لِلَّهِ، والحَمْدُ لِلَّهِ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحدَهُ لا شَرِيكَ
لَهُ" قال الراوي: أراه قال فيهنٌ: "لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ
وَهُوَ على كُلَّ شَيْءٍ قَديرٌ، رَبّ أسألُكَ خَيْرَ ما فِي هَذِهِ
اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ مَا بَعْدَها وأعُوذ بِكَ مِنْ شَرّ ما في هَذِهِ
اللَّيْلَةِ وَشَرّ مَا بَعْدَهَا، رَبّ أَعُوذُ بِكَ مِنَ الكَسَل
وَالهَرَمِ وَسُوءِ الكِبَرِ، أعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ في النَّارِ
وَعَذَابٍ في القَبْرِ، وَإذَا أصْبَحَ قالَ ذلكَ أيْضاً: أصْبَحْنا
وأصْبَحَ المُلْكُ لِلَّهِ".(12)
جاء رجلٌ
إلى النبيّ صلى اللّه عليه وسلم فقال: يارسول اللّه! ما لقيتُ من عقرب
لدغتني البارحة؟ قال: "أما لَوْ قُلْتَ حِينَ أمْسَيْتَ: أعُوذُ
بِكَلِماتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرّ ما خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ" ذكره مسلم متصلاً بحديث لخولة بنت حكيم رضي اللّه عنها وهكذا.
ورويناه في كتاب ابن السني، وقال فيه: "أعُوذُ بِكَلِماتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرّ ما خَلَقَ ثَلاثاً لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ".
أن أبا
بكر الصديق رضي اللّه عنه قال: يارسول اللّه! مُرْني بكلمات أقولهنّ
إذا أصبحتُ وإذا أمسيت، قال: "قُلِ اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ
وَالأرْضِ، عالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ
وَمَلِيكَهُ، أشْهَدُ أن لا إلهَ إِلاَّ أنْتَ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ
نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطانِ وَشِرْكِهِ. قالَ: قُلْها إذَا أصْبَحْتَ
وَإذَا أمْسَيْتَ وَإذَا أخَذْتَ مَضْجَعَكَ" قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
يا رسول
اللّه! علِّمنا كلمة نقولها إذا أصبحنا وإذا أمسينا واضطجعنا، فذكره،
وزاد فيه بعد قوله: وَشِرْكِهِ "وأنْ نَقْتَرِفَ سُوءاً عَلى أنْفُسِنا
أوْ نَجُرَّهُ إلى مُسْلِمٍ" قوله صلى اللّه عليه وسلم
"وشركه" روي على وجهين: أظهرهما وأشهرهما بكسر الشين مع إسكان الراء
من الإِشراك: أي ما يدعو إليه ويوسوس به من الإِشراك باللّه تعالى،
والثاني شَرَكه بفتح الشين والراء: حبائله ومصايده، واحدها شَرَكة بفتح
الشين والراء وآخره هاء.
(15)
قال رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ في صَباحِ كُلّ
يَوْمٍ وَمَساءِ كُلّ لَيْلَةٍ، باسْمِ اللَّهِ الَّذي لاَ يَضُرُّ مَعَ
اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الأرْضِ وَلا في السَّماءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيم،
ثَلاثَ مَرَّاتٍ لَمْ يَضُرَّه شَيْءٌ" قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، هذا لفظ الترمذي. وفي رواية أبي داود: "لَم تُصِبْهُ فَجْأةُ بَلاءٍ".
قال رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مَنْ قالَ حِينَ يُمْسِي: رَضِيتُ
باللّه رَبَّاً، وَبالإِسْلامِ دِيناً، وبِمُحَمَّدٍ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم نَبِيَّاً، كانَ حَقّاً على اللّه تعالى أنْ يُرْضِيَهُ" في إسناده سعد بن المرزبان أبو سعد البقال بالباء، الكوفيّ مولى حذيفة بن اليمان، وهو ضعيف باتفاق الحفّاظ (17)
، وقد قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، فلعله صحّ
عنده من طريق آخر. وقد رواه أبو داود والنسائي بأسانيد جيدة عن رجل خدم
النبيّ صلى اللّه عليه وسلم عن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم بلفظه، فثبت أصل
الحديث، وللَّه الحمد. وقد رواه الحاكم أبو عبد اللّه في المستدرك على
الصحيحين؛ وقال: حديث صحيح الإسناد، ووقع في رواية أبي داود وغيره:
"وبمحمدٍ رسولاً" وفي رواية الترمذي: "نبيّاً" فيستحبُّ أن يجمع
الإِسان بينهما فيقول "نبيّاً ورسولاً" ولو اقتصر على أحدهما كان
عاملاً بالحديث.
(18)
أن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "مَنْ قالَ حينَ يُصْبحُ أوْ
يُمْسِي: اللَّهُمَّ إِنِّي أصْبَحْتُ أُشْهِدُكَ وأُشْهِدُ حَمَلَةَ
عَرْشِكَ وَمَلائِكَتَكَ وَجَمِيعَ خَلْقِكَ أنَّكَ أنْتَ لا إِلهَ إِلاَّ
أنْتَ، وأنَّ مُحَمَّداً عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ. أعْتَقَ اللَّهُ رُبُعَهُ
مِنَ النَّارِ، فَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ أعْتَقَ اللَّهُ نصْفَهُ مِنَ
النَّار، وَمَنْ قَالَها ثَلاثاً أَعْتَقَ اللَّهُ تعالى ثَلاثَةَ
أرْبَاعِهِ، فإنْ قالَهَا أَرْبَعاً أعْتَقَه اللَّهُ تَعالى مِنَ
النَّارِ".
13/182 وروينا في سنن أبي داود بإسناد لم يضعفه، عن عبد اللّه بن غنَّام بالغين المعجمة والنون المشددة البياضي الصحابي رضي اللّه عنه
أن رسول
اللّه صلَّى اللّه عليه وآله وسلم قال: "مَنْ قالَ حِينَ يُصْبحُ:
اللَّهُمَّ ما أصْبَحَ بِي مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْكَ وَحْدَكَ لا شَرِيكَ
لَكَ، لَكَ الحَمْدُ وَلَكَ الشُّكْرُ، فَقَدْ أدَّى شُكْرَ يَوْمِهِ؛
وَمَنْ قَالَ مِثْلَ ذلكَ حِينَ يُمْسِي فَقَد أدَّى شُكْرَ
لَيلَتِهِ".
14/183 وروينا بالأسانيد الصحيحة في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه، عن ابن عمر رضي اللّه عنهما قال:
لم يكن
النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم يَدَعُ هؤلاء الدعوات حين يُمسي وحين يُصبح:
"اللَّهُمَّ إني أسألُكَ العافِيَةَ فِي الدُّنْيَا والآخِرَةِ،
اللَّهُمَّ إني أسألُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ في دِيني وَدُنْيَايَ
وأهْلِي ومَالِي، اللَّهُمََّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وآمِنْ رَوْعاتِي،
اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْن يَدَيَّ ومِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي
وَعَنْ شِمالِي وَمِنْ فَوْقِي، وأعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أنْ أُغْتالَ مِنْ
تَحْتِي" قال وكيع: يعني الخسف. قال الحاكم أبو عبد اللّه: هذا حديث صحيح الإِسناد. (21)
عن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم، أنه كان يقول عند مضجعه: "اللَّهُمَّ
إِنِّي أعُوذُ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ وَبِكَلِماتِكَ التَّامَّةِ مِنْ شَر
ما أنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتِهِ، اللَّهُمّ أنْتَ تَكْشِفُ المَغْرَمَ
والمَأثمَ، اللَّهُمَّ لا يُهْزَمُ جُنْدُكَ وَلا يُخْلَفُ وَعْدُكَ، وَلاَ
يَنْفَعُ ذَا الجَدّ مِنْكَ الجَدُّ، سُبْحانَكَ وَبِحَمْدِكَ".(22)
أن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "مَنْ قالَ إِذَا أصْبَحَ: لا إلهَ
إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ
وَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. كانَ لَهُ عِدْلُ رَقَبَةٍ مِنْ وَلَدِ
إسْمَاعِيلَ صلى اللّه عليه وسلم، وكُتِبَ لَهُ عَشْرُ حَسَنَاتٍ وَحُطَّ
عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئاتٍ، وَرُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجاتٍ، وكانَ فِي حِرْزٍ
مِنَ الشَّيْطانِ حتى يُمْسِيَ، وَإنْ قَالَهَا إِذَا أمْسَى كانَ له
مِثْلُ ذلكَ حتَّى يُصْبحَ".(23)
أن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "إذَا أصْبَحَ أحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ:
أَصْبَحْنَا وأصْبَحَ المُلْكُ لِلَّهِ رَبّ العَالَمِينَ، اللَّهُمَّ
أسألُكَ خَيْرَ هَذَا اليَوْمِ فَتْحَهُ وَنَصْرَهُ وَنُورَهُ وَبَرَكَتَهُ
وَهُدَاهُ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ شَر ما فِيهِ وَشَرِّ ما بَعْدَهُ. ثُمَّ
إذا أمْسَى فَلْيَقُلْ مِثْلَ ذلكَ".
18/187 وروينا في سنن أبي داود، عن
عبد الرحمن بن أبي بكرة أنه قال لأبيه: يا أبتِ! إني أسمعك تدعو كلّ
غداة: "اللَّهُمَّ عافِني فِي بَدَني، اللَّهُمَّ عافِنِي في سَمْعِي،
اللَّهُمَّ عافِني في بَصَري، اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنَ الكُفْرِ
وَالفَقْرِ، اللَّهُمَّ إني أعُوذَ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبرِ، لا إِلهَ
إِلاَّ أنْتَ" تعيدها حين تصبح ثلاثاً، وثلاثاً حين تُمسي، فقال: إني
سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يدعو بهنّ، فأنا أُحبّ أن أستن
بسنّته.
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: "مَنْ قالَ حِينَ يُصْبحُ {فَسُبْحان
اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحونَ. وَلَهُ الحَمْدُ في
السَّمَوَاتِ وَ الأرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ. يُخْرِجُ
الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ ويُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيّ، ويُحْيِي الأرْضَ
بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرجُونَ} الروم: 17ـ19 أدرك ما فاتَهُ فِي يَوْمِهِ ذلكَ، وَمَنْ قالَهُنَّ حِينَ يُمْسِي أَدْرَكَ ما فَاتَهُ في لَيْلَتِهِ" لم يضعفه أبو داود، وقد ضعفه البخاري في تاريخه الكبير، وفي كتابه كتاب الضعفاء.
أن النبيّ
صلى اللّه عليه وسلم كان يُعلّمها فيقول: "قُولي حينَ تُصْبحينَ:
سُبْحانَ اللَّه وبِحَمْدِهِ، لا قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ، ما شاءَ اللَّه
كَانَ، ومَا لَمْ يَشأ لَمْ يَكُن، أعْلَمُ أنَّ اللَّهَ على كُلّ شَيْءٍ
قَدِيرٌ، وأَنَّ اللَّهَ قَدْ أحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً، فإنَّهُ مَنْ
قالَهُنَّ حِينَ يُصْبحُ حُفِظَ حتَّى يُمْسِيَ، وَمَنْ قَالَهُنَّ حِينَ
يُمْسِي حُفِظَ حتَّ يُصْبحَ".(27)
دخلَ رسولُ
اللَّه صلى اللّه عليه وسلم ذاتَ يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار
يُقال له أبو أمامة، فقال: "يا أبا أُمامَةَ! ما لي أرَاكَ جالِساً
في المَسْجِدِ فِي غَيْرِ وَقْتِ صَلاةٍ؟" قال: هموم لزمتني وديون يا
رسول اللّه! قال: "أفَلا أُعَلِّمُكَ كَلاماً إذَا قُلْتَهُ أذْهَبَ
اللَّهُ هَمَّكَ وقضى عَنْكَ دَيْنَكَ؟" قلت: بلى يا رسول اللّه!
قال:"قُلْ إذَا أصْبَحْتَ وَإذَا أمْسَيْتَ: اللَّهُمَّ إِني أعُوذُ
بِكَ مِنَ الهَمّ والحُزن، وأعُوذُ بِكَ مِنَ العَجْزِ والكَسَلِ، وأعُوذُ
بِكَ مِنَ الجُبْنِ والبُخلِ، وأعوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ
وَقَهْرِ الرّجالِ". قال: ففعلتُ ذلك، فأذهبَ اللّه تعالى همّي وغمّي وقضى عني ديني. (28)
كان رسولُ
اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أصبح قال: "أصْبَحْنَا على فِطْرَةِ
الإِسْلامِ، وكَلِمَةِ الإِخْلاصِ، وَدِيْنِ نبِيِّا مُحَمَّدٍ صلى اللّه
عليه وسلم، وَمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ صلى اللّه عليه وسلم حَنِيفاً مُسْلِماً
ومَا أنا مِنَ المُشْرِكِينَ".
قلتُ: كذا وقع في كتابه: "ودين نبيّنا محمد"
وهو غير ممتنع، ولعلَّه صلى اللّه عليه وسلم قال ذلك جهراً ليسمعَه غيره
فيتعلمه، واللّه أعلم.
كان رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أصبح قال: أصْبَحْنا وأصْبَحَ المُلْكُ
لِلَّهِ عَزَّ وَجَلُّ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، وَالكِبْرِياءُ وَالعَظَمَةُ
لِلَّهِ، وَالخَلْقُ وَالأمْرُ وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَما سَكَنَ
فِيهما لِلَّهِ تَعالى، اللَّهُمَّ! اجْعَلْ أَوَّلَ هَذَا النَّهارِ
صَلاحاً، وَأَوْسَطَهُ نَجاحاً وآخِرَهُ فَلاحاً، يا أَرْحَمَ
الرَّاحِمِينَ!".
عن النبيّ
صلى اللّه عليه وسلم قال: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ ثَلاثَ
مَرَّاتٍ: أعُوذُ باللَّهِ السَّمِيع العَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ
الرَّجِيمِ، وَقَرَأَ ثَلاثَ آياتٍ مِنْ سُورَةِ الحَشْرِ، وَكَّلَ اللَّهُ
تَعالى بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى
يُمْسِيَ، وَإنْ ماتَ فِي ذَلِكَ اليَوْمِ ماتَ شَهِيداً، وَمَنْ قَالَهَا
حِينَ يُمْسِي كانَ بِتلْكَ المَنْزِلَةِ".
وجّهَنَا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سرية، فأمَرَنَا أن نقرأ إذا أمسينا وأصبحنا: {أَفَحَسِبْتُمْ أنَما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً}المؤمنون: 115 فقرأنا، فغنمنا وسلمنا.
أن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يدعو بهذه الدعوة إذا أصبح وإذا أمسى:
"اللَّهُمَّ أسألُكَ منْ فَجْأةِ الخَيْرِ، وأعُوذُ بِكَ مِنْ فَجأةِ
الشَّرّ".
قال رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم لفاطمة رضي اللّه عنها: "ما يَمْنَعُكِ أنْ
تَسْمَعِي ما أُوصِيكِ بِهِ؟ تَقُولِينَ إذَا أصْبَحْتِ وَإذَا
أمْسَيْتِ: يا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِكَ أسْتَغِيثُ فأصْلِحْ لي شأنِي
كُلَّهُ وَلاَ تَكِلْني إلى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنِ".(34)
أن رجلاً
شكا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه تُصيبُه الآفاتُ، فقال له
رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "قُلْ إذَا أصْبَحْتَ: باسمِ
اللَّهِ على نَفْسِي وأهْلي ومَالي، فإنَّهُ لا يَذْهَبُ لَكَ شَيْءٌ"
فقالهنّ الرجلُ، فذهبتْ عنه الآفاتُ.
أنَّ رسولَ
اللَّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أصبح قال:"اللَّهُمَّ إني أسألُكَ
عِلْماً نافعاً، وَرِزْقاً طَيِّباً، وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً".
قال رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مَنْ قالَ إذَا أصْبَحَ: اللَّهُمَّ إني
أصْبَحُتُ منْكَ في نِعْمَةٍ وَعافِيَةٍ وَسَتْرٍ، فأتِمَّ نِعْمَتَكَ
عَليَّ وَعَافِيَتَكَ وَسَتْرَكَ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ. ثَلاثَ
مَرَّاتٍ إِذَا أصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى، كان حَقّاً على اللَّهِ تَعالى
أنْ يُتِمَّ عَلَيْهِ".(37)
عن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "ما مِنْ صَباحٍ يُصْبِحُ العِبادُ
إِلاَّ مُنادٍ يُنادِي: سُبْحانَ المَلكِ القُدُّوس" وفي رواية ابن
السني "إلاَّ صَرَخَ صَارِخٌ: أيُّها الخلائقُ! سَبِّحوا المَلكَ
القُدُّوسَ".(38)
قال رسولُ
اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مَنْ قَالَ إذَا أصْبَحَ وَإِذَا
أمْسَى: رَبِّيَ اللَّهُ تَوَكَّلْتُ عَلَيْهِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ
عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظيمِ، لا إِلهَ إِلاَّ
اللَّهُ العَلِيُّ العَظِيمُ، ما شاءَ اللَّهُ كانَ، ومَا لَمْ يَشاْ لَمْ
يَكُنْ، أَعْلَمُ أنَّ اللَّهَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وأنَّ اللَّهَ
قَدْ أحاطَ بِكُلّ شَيْءٍ عِلْماً، ثُمَّ مَاتَ دَخَلَ الجَنَّة".(39)
أن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال:"أيَعْجِزُ أحَدُكُمْ أنْ يَكُونَ كأبِي
ضَمْضَمٍ؟" قالُوا: وَمَنْ أبُو ضَمْضَمٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟!
قالَ: "كَانَ إِذَا أصْبَحَ قالَ: اللَّهُمَّ إِني قَدْ وَهَبْتُ
نَفْسِي وَعِرْضِي لَكَ، فَلا يَشْتُمُ مَنْ شَتَمَهُ، وَلاَ يَظْلِمُ مَنْ
ظَلَمَهُ، وَلا يَضْرِبُ مَنْ ضَرَبَهُ". (40)
عن النبيّ
صلى اللّه عليه وسلم قال:"مَنْ قالَ فِي كُلّ يَوْمٍ حِينَ يُصْبحُ
وَحِينَ يُمْسِي: حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ
تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ كَفَاهُ
اللَّهُ تَعالى ما أهمَّهُ مِنْ أمْرِ الدُّنْيا والآخِرَةِ".
(41)
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مَنْ قَرأ {حَم} المُؤْمِن إلى: {إِلَيْهِ المَصِيرُ}
غافر: 1ـ3 وآيةَ الكُرْسِيّ حِينَ يُصْبحُ حُفِظَ بِهِمَا حتَّى
يُمْسِي، وَمَنْ قَرأهُما حِينَ يُمْسِي حُفِظَ بِهِما حَتَّى يُصْبحَ".
فهذه جملةٌ من الأحاديث التي قصدنا ذكرَها، وفيها
كفايةٌ لمن وفّقه اللّه تعالى، نسألُ اللَّه العظيم التوفيقَ للعمل بها
وسائر وجوه الخير.
جاء رجلٌ
إلى أبي الدرداء فقال: يا أبا الدرداء قد احترق بيتُك، فقال: ما احترق،
لم يكن اللّه عزّ وجلّ ليفعلَ ذلك بكلمات سمعتهنّ من رسول اللّه صلى اللّه
عليه وسلم، من قالها أوّل نهاره لم تصبْه مصيبةٌ حتى يُمسي، ومَنْ قالها
آخرَ النهار لم تصبْه مصيبةٌ حتى يُصبحَ: "اللَّهُمََّ أنتَ رَبي، لا
إِلهَ إِلاََّ أَنْتَ عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وأنْتَ رَبُّ العَرْشِ
العَظِيمِ، ما شاءَ اللَّهُ كانَ، وَمَا لَمْ يَشأْ لَمْ يَكُنْ، لا حَوْلَ
وَلا قُوَّةَ إِلاَّ باللَّهِ العَلِيّ العَظِيمِ، أعْلَمُ أنَّ اللَّهَ
عَلى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وأنَّ اللَّهَ قَدْ أحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ
عِلْماً، اللَّهُمَّ إِني أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ نَفْسِي، وَمِنْ شَرّ كُلّ
دَابَّةٍ أنْتَ آخِذٌ بِناصِيَتها، إنَّ رَبِّي على صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ".
ورواه من طريق آخر، من أصحاب النبيّ صلى اللّه عليه
وسلم، لم يقل عن أبي الدرداء، وفيه: أنه تكرّر مجيء الرجل إليه يقول:
أدرِك دارَك فقد احترقتْ وهو يقول: ما احترقتْ لأني سمعتُ النبيَّ صلى
اللّه عليه وسلم يقول: "مَن قال حين يُصبح هذه الكلمات ـ وذكر هذه الكلمات ـ لم يُصبه في نفسه ولا أهله ولا ماله شيء يكرهه" وقد قلتها اليوم، ثم قال: انهضوا بنا، فقام وقاموا معه، فانتهوا إلى داره وقد احترق ما حولها ولم يصبها شيء.
(43)
اعلم أن كلَّ ما يُقال في غير يوم الجمعة يُقال فيه، ويُزاد (44) استحبابُ كثرة الذكر فيه على غيره، ويُزادُ كثرةُ الصلاة على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
عن النبيّ
صلى اللّه عليه وسلم قال: "مَنْ قالَ صَبِيحَةَ يَوْمِ الجُمُعَةِ
قَبْلَ صَلاةِ الغَدَاةِ: أسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لا إِلهَ إِلاَّ
هُوَ الحَيَّ القَيُّومَ وأتُوبُ إِلَيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ غَفَرَ اللَّهُ
ذُنُوبَهُ وَلَوْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ".
ويُستحبّ الإِكثارُ من الدعاء في جميع يوم الجمعة من
طلوع الفجر إلى غروب الشمس رَجاءَ مصادفة ساعة الإِجابة، فقد اختُلف فيها
على أقوال كثيرة، فقيل: هي بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس، وقيل: بعد
طلوع الشمس، وقيل: بعد الزوال، وقيل: بعد العصر، وقيل غير ذلك.
والصحيحُ، بل الصوابُ الذي لا يجوز غيرُه ما ثبت في صحيح مسلم (45) : عن أبي موسى الأشعريّ، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؛ أنها ما بينَ جلوس الإِمام على المنبر إلى أن يُسَلِّم من الصلاة. (46)
كان رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا طلعت الشمس قال: "الحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذي جَلَّلَنا اليَوْمَ عافِيَتَهُ، وَجاءَ بالشَمْسِ، مِنْ مَطْلَعِها،
اللَّهُمَّ أصْبَحْتُ أشْهَدُ لَكَ بِما شَهِدْتَ بِهِ لِنَفْسِكَ،
وَشَهِدَتْ بِهِ مَلائِكَتُكَ وحَمَلَةُ عَرْشِكَ وَجَمِيعُ خَلْقِكَ
إنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ القائِمُ بالقِسْطِ، لا إِلهَ
إِلاَّ أنْتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ، اكْتُبْ شَهادَتي بَعْدَ شَهادَةِ
مَلائِكَتِكَ وأُولِي العِلْمِ، اللَّهُمَّ أنْتَ السَّلامُ وَمِنْكَ
السَّلامُ وَإِلَيْكَ السَّلامُ، أسألُكَ يا ذَا الجَلالِ والإِكْرَامِ أنْ
تَسْتَجِيبَ لَنا دَعْوَتَنَا، وأنْ تُعْطِيَنَا رَغْبَتَنا، وأنْ
تُغْنِينَا عَمَّنْ أغْنَيْتَهُ عَنَّا مِنْ خَلْقِكَ، اللَّهُمَّ أصْلحْ
لي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أمْرِي، وأصْلِحْ لي دُنْيايَ الَّتِي
فِيها مَعِيشَتِي، وأصْلِحْ لي آخِرَتِي الَّتِي إلَيْها مُنْقَلَبِي".(47)
2/208 وروينا فيه عن
عبد اللّه بن مسعود رضي اللّه عنه موقوفاً عليه أنه جعلَ من يَرْقبُ له
طلوع الشمس، فلما أخبره بطلوعها قال: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ
لَنَا هَذَا اليَوْمَ وأقالَنا فِيهِ من (48)
بابُ ما يقولُ إذا استقلَّتِ (49) الشَّمس
عن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: "ما تَسْتَقِلُّ الشَّمْسُ فَيَبْقَى
شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالى إِلاَّ سَبَّحَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ
وَحَمِدَهُ إِلاَّ ما كانَ مِنَ الشَّيْطانِ وأعْتَاءِ بَنِي آدَمَ"
فَسألْتُ عَنْ أعْتاء بَنِي آدَمَ؟ فَقالَ: "شِرَارُ الخَلْقِ".(50)
قد تقدم إذا لَبِسَ ثوبَه، وإذا خرجَ من بيته، وإذا
دخلَ الخلاءَ، وإذا خرج منه، وإذا توضَّأَ، وإذا قصدَ المسجدَ، وإذا وصلَ
بابَه، وإذا صارَ فيه، وإذا سمع المؤذِّن والمقيمَ، وما بين الأذان
والإِقامة، وما يقولُه إذا أرادَ القيام للصلاة، وما يقولُه في الصلاة من
أوّلها إلى آخرها، وما يقولُه بعدها، وهذا كلُّه يشتركُ فيه جميعُ
الصلوات.
ويستحبّ الإِكثار من الأذكار وغيرها من العبادات عقبَ الزوال.
أن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يُصلِّي أربعاً بعد أن تزول الشمس قبل
الظهر، وقال: "إنَّها ساعةٌ تُفْتَحُ فِيها أبْوَابُ السَّماءِ،
فأُحِبُّ أنْ يَصْعَدَ لي فِيها عَمَلٌ صَالِحٌ" قال الترمذي: حديث حسن.
ويُستحبّ كثرةُ الأذكار بعد وظيفة الظهر؛ لعموم قول اللّه تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْد رَبِّكَ بالعَشِيّ وَالإِبْكارِ} غافر: 55 قال أهل اللغة: العشيُّ من زوال الشمس إلى غروبها. قال الإِمام أبو منصور الأزهري (51) : العشيّ عند العرب: ما بين أن تزولَ الشمس إلى أن تغرب. (52)
قد تقدم ما يقولُه بعد الظهر والعصر كذلك، ويُستحبُّ
الإِكثارُ من الأذكار في العصر استحباباً متأكداً فإنها الصلاة الوسطى على
قول جماعات من السلف والخلف، وكذلك تُستحبُّ زيادةُ الاعتناء بالأذكار في
الصبح، فهاتان الصلاتان أصحُّ ما قيل في الصلاة الوسطى، ويُستحبُّ
الإِكثارُ من الأذكار بعد العصر وآخر النهار أكثر، قال اللّه تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها} طه: 130 وقال اللّه تعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بالعَشِيِّ والإِبْكارِ}غافر: 55 وقال اللّه تعالى: {واذْكُرْ رَبَّكَ في نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الجَهْرِ مِنَ القَوْلِ بالغُدُوِّ والآصَال} الأعراف: 205 وقال تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بالغُدُوّ والآصَالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} النور:36 وقد تقدم أن الآصال ما بين العصر والمغرب.
قال رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "لأَنْ أَجْلِسَ مَعَ قَوْمٍ يَذْكُرُونَ
اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ صَلاةِ العَصْرِ إلى أنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ،
أحَبُّ إليَّ مِنْ أَنْ أعْتِقَ ثَمَانِيَةً مِنْ وَلَدِ إسْماعِيلَ".(53)
علَّمني
رسولُ اللَّه صلى اللّه عليه وسلم أن أقول عند أذان المغرب:
"اللَّهُمَّ هَذَا إقْبالُ لَيْلِكَ وَإِدْبَارُ نَهارِكَ وأصْوَاتُ
دُعاتِكَ فاغْفِرْ لي".(54)
قد تقدم قريباً أنه يقول عقيب كل الصلوات الأذكارَ المتقدمة، ويُستحبّ أن يزيدَ فيقول بعد أن يصلّي سنّة المغرب:
كان رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا اصرف من صلاة المغرب يدخل فيصلي ركعتين ثم
يقول فيما يدعو: "يا مُقَلِّبَ القُلُوبِ وَالأَبْصَارِ ثَبِّتْ
قُلُوبَنا على دِينِكَ".
قال رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "مَنْ قالَ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ
وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ يُحْيِي
ويُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ على أثَرِ
المَغْرِبِ، بَعَثَ اللَّهُ تَعالى لَهُ مَسْلَحَةً يَتَكَفَّلُونَهِ (56)
مِنَ الشَّيْطانِ حَتَّى يُصْبحَ، وَكَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِها عَشْرَ
حَسَناتٍ مُوجِبات، وَمَحَا عَنْهُ عَشْرَ سَيِّئاتٍ مُوبِقاتٍ، وكانَتْ
لَهُ بِعِدْلِ عَشْرِ رِقابٍ مُؤْمناتٍ" قال الترمذي: لا نعرفُ لعمارة بن شبيب سماعاً من النبي صلى اللّه عليه وسلم. (57)
قلت: وقد رواه النسائي في كتاب عمل اليوم والليلة
من طريقين: أحدهما هكذا، والثاني عن عمارة عن رجل من الأننصار. قال
الحافظ أبو القاسم بن عساكر: هذا الثاني هو الصواب.
قلتُ: قوله: "مَسلحة" بفتح الميم وإسكان السين المهملة وفتح اللام وبالحاء المهملة: وهم الحرس.
السنّة لمن أوترَ بثلاث ركعات أن يقرأ في الأولى بعد الفاتحة: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى} وفي الثانية{قُلْ يا أيُّها الكافِرُونَ} وفي الثالثة: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ}
والمُعَوَّذَتَيْنِ. فإن نسي {سَبِّح} في الأولى}، أتى بها مع
{قل يا أيُّها الكافرون} في الثانية، وكذا إن نسيَ في الثانية{قل يا
أيّها الكافرون} أتى بها في الثالثة مع {قل هو اللَّه أحد}
والمعوّذتين.
1/215 وروينا في سنن أبي داود والنسائي وغيرهما بالإِسناد الصحيح، عن أُبيّ بن كعب رضي اللّه عنه قال:
كان رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا سلَّم في الوتر قال: "سُبْحانَ المَلِكِ
القُدُّوسِ" وفي رواية النسائي وابن السني "سُبْحانَ المَلِكِ
القُدُّوسِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ".
أن النبيّ
صلى اللّه عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: "اللَّهُمَّ إني أَعُوذُ
بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وأعُوذُ بِمُعافاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وأعُوذُ
بِكَ لا أُحْصِي ثَناءً عَلَيْكَ أَنْتَ كما أثْنَيْتَ على نَفْسِك" قال الترمذي: حديث حسن. (59)
قال اللّه تعالى: {إنَّ
في خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ
لآياتٍ لأُولي الألْبابِ. الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّه قِياماً
وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ} آل عمران: 190ـ191 الآيات.
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: " باسْمِكَ اللَّهُمَّ أحْيا وأمُوت" ورويناهُ في صحيح مسلم، من رواية البراء بن عازب رضي اللّه عنهما. (60)
أن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال له ولفاطمة رضي اللّه عنهما: "إذَا
أوَيْتُما إلى فِرَاشِكُما، أوْ إذَا أخَذْتُما مَضَاجِعَكُما فَكَبِّرَا
ثَلاثاً وَثَلاثِينَ، وَسَبِّحا ثَلاثاً وثَلاثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثاً
وَثَلاثِينَ".
وفي رواية: "التَّسْبِيحُ أرْبَعاً وَثِلاثِينَ".
وَفي رواية:
"التَّكْبيرُ أرْبعاً وَثَلاثِينَ". قالَ عليّ: فما تركته منذ
سمعتُه من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قيل له: ولا ليلة صفين؟
قال: ولا ليلة صفّين.
قال رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إذَا أوَى أحَدُكُمْ إلى فِرَاشِهِ
فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخلَةِ إِزَارِهِ، فإنَّهُ لا يَدْرِي ما
خَلَفَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ يَقُولُ: باسْمِكَ رَبي وَضَعْتُ جَنْبِي
وَبِكَ أرْفَعُهُ، إنْ أمْسَكْتَ نَفْسِي فارْحَمْها، وَإِنْ أرْسَلْتَها
فاحْفَظْها بما تَحْفَظُ بِهِ عِبادَكَ الصَّالِحينَ" وفي رواية
"يَنْفُضُهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ".
أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: كان إذا أخذ مضجعه نفث في يديه وقرأ بالمعوّذات ومسح بهما جسده.
أن النبيّ
صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفّيه ثم نفث فيهما
وقرأ فيهما: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَدٌ} و{قُلْ أعُوذُ بِرَبّ
الفَلَقِ} و{قُلْ أعُوذُ بِرَبّ الناس} ثُم مسح بهما ما استطاع من
جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرّات، قال أهل اللغة: النفث: نفخ لطيف بلا ريق.
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "الآيَتانِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ مَنْ قَرأ بِهِما في لَيْلَةٍ كَفَتاهُ".
اختلف العلماء في معنى كفتاه؛ فقيل: من الآفات في ليلته وقيل: كفتاه من قيام ليلته. قلت: ويجوز أن يُراد الأمران.
قال لي
رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:"إذَا أتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأَ
وُضُوءَكَ لِلصَّلاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ على شِقِكَ الأيْمَنِ وَقُلِ:
اللَّهُمَّ أسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أمْرِي إِلَيْكَ،
وَألجأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةَ وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لا ملجأ وَلا
مَنْجَى مِنْكَ إِلاَّ إِليْكَ، آمَنْتُ بِكِتابِكَ الَّذي أنْزَلْتَ،
وَنَبِيِّكَ الَّذي أَرْسَلْتَ. فإنْ مِتَّ مِتَّ على الفِطْرَةِ،
واجْعَلْهُنَّ آخِرَ ما تَقُولُ" هذا لفظ إحدى روايات البخاري، وباقي رواياته وروايات مسلم مقاربة لها. (65)
وكَّلني
رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم بحفظ زكاة رمضان، فأتاني آتٍ فجعل يحثو من
الطعام.. وذكر الحديث، وقال في آخره: إذا أويتَ إلى فراشِكَ فاقرأ
آيةَ الكرسي، فإنه لن يزالَ معكَ من اللّه تعالى حافظ، ولا يقربَك شيطانٌ
حتى تُصْبِحَ. فقال النبيّ صلى اللّه عليه وسلم:"صَدَقَكَ وَهُوَ
كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيطانٌ" أخرجهُ البُخاري في صحيحه فقال: وقال
عثمان بن الهيثم: حدّثنا عوف عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة وهذا متصل،
فإن عثمان بن الهيثم أحد شيوخ البخاري الذين روى عنهم في صحيحه، وأما قول
أبي عبد اللّه الحميدي في الجمع بين الصحيحين: إن البخاري أخرجه تعليقاً،
فغير مقبول؛ فإن المذهب الصحيح المختار عند العلماء والذي عليه المحقّقون
أن قول البخاري وغيره: "وقال فلان" محمولٌ على سماعه منه واتصاله إذا
لم يكن مدلِّساً وكان قد لقيَه، وهذا من ذلك. وإنما المعلَّقُ ما أسقط
البخاري منه شيخه أو أكثر بأن يقول في مثل هذا الحديث: وقال عوف، أو قال
محمد بن سيرين، وأبو هريرة، واللّه أعلم.
(67)
أن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أرادَ أن يرقدَ وضعَ يدَه اليمنى تحتَ
خدّه ثم يقول: اللَّهُمَّ قِني عَذَابَكَ يَوْمَ تَبْعَثُ عِبادَكَ.
ثَلاثَ مَرَّاتٍ" ورواه الترمذي من رواية حذيفة، عن النبيّ صلى
اللّه عليه وسلم وقال: حديث صحيح حسن. ورواه أيضاً من رواية البراء بن
عازب ولم يذكر فيها ثلاث مرات.
عن النبيّ
صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقولُ إذا أوى إلى فراشه: "اللَّهُمَّ
رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأرْضِ وَرَبََّ العَرْشِ العَظِيمِ، رَبَّنا
وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فالِقَ الحَبّ وَالنَّوَى، مُنَزِّل التَّوْرَاةِ
وَالإِنجِيلِ وَالقُرآنِ، أعُوذُ بِكَ مِنْ شَرّ كُلّ ذِي شَرٍّ أنْتَ
آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ؛ أنْتَ الأوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وأنْتَ
الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ
شَيْءٌ، وأنْتَ الباطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ،
وأغْنِنا مِنَ الفَقْرِ" وفي رواية أبي داود "اقْضِ عَنِّي الدَّيْنَ،
وأغْنِني مِنَ الفَقرِ".
عن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول عند مضجعه: "اللَّهُمَّ إني
أعُوذُ بِوَجْهِكَ الكَرِيمِ، وَكَلِماتِكَ التَّامَّة، مِنْ شَرّ ما أنْتَ
آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أنْتَ تَكْشِفُ المَغْرَمَ والمأثمَ،
اللَّضهُمَّ لا يُهْزَمُ جُنْدُكَ، وَلا يُخْلَفُ وَعْدُكَ، وَلا يَنْفَعُ
ذَا الجَدّ مِنْكَ الجَدُّ، سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ".
أن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: "الحَمْدُ
لِلَّهِ الَّذي أطْعَمَنا وَسَقَانا، وكَفانا وآوَانا، فَكَمْ مِمَّنْ لا
كافِيَ لَهُ وَلا مُؤْوِيَ" قال الترمذي: حديث حس صحيح.
13/229 وروينا بالإِسناد الحسن في سنن أبي داود، عن أبي الأزهريّ، ويقال: أبو زهير الأنماري رضي اللّه عنه؛
أن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه من الليل قال: "باسْمِ
اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبِي، وأخْسِىءْ
شَيْطانِي، وَفُكَّ رِهانِي، وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِيّ الأعْلَى" النديّ: بفتح النون وكسر الدال وتشديد الياء.
وروينا عن الإِمام أبي سليمان أحمد بن محمد بن
إبراهيم بن الخطاب الخطابي رحمه اللّه في تفسير هذا الحديث قال:
النديّ: القوم المجتمعون في مجلس، ومثله النادي، وجمعه أندية. قال:
يريد بالنديّ الأعلى: الملأ الأعلى من الملائكة.
قال لي
رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "اقْرأ: قُلْ يا أيُّها
الكافِرُونَ، ثُمَّ نَمْ على خاتِمَتِها فإنَّها بَرَاءَةٌ مِنَ
الشِّرْكِ".
عن النبيّ
صلى اللّه عليه وسلم قال: "ألا أدُلُّكُمْ على كَلِمَةٍ تُنَجِّيكُمْ
مِنَ الإِشْرَاكِ باللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، تَقْرَؤونَ: قُلْ يا أيُّها
الكافِرُونَ عِنْدَ مَنَامِكُمْ" (73)
أن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كان يقرأ المسبِّحات ((74) قبل أن يرقد. قال الترمذي: حديث حسن. (75)
كان النبيّ صلى اللّه عليه وسلم لا ينامُ حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر. قال الترمذي: حديث (76)
أن النبيَّ
صلى اللّه عليه وسلم كان يقول إذا أخذ مضجعه: " الحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذي كفاني وآوَانِي، وأطْعَمَنِي وَسَقَانِي، وَالَّذِي مَنَّ عَليَّ
فأفْضَلَ، وَالَّذي أعطانِي فأجْزَل، الحَمْدُ لِلَّهِ على كُلّ حالٍ؛
اللَّهُمَّ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، وَإِلهَ كُلِّ شَيْءٍ، أعُوذُ
بِكَ مِنَ النَّارِ".(77)
عن النبيّ
صلى اللّه عليه وسلم قال: "مَنْ قَالَ حِينَ يَأوِي إلى فِرَاشِهِ:
أسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذي لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الحَيَّ القَيُّومَ
وأتُوب إِلَيْهِ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، غَفَرَ اللَّهُ تَعالى لَهُ ذُنُوبَهُ
وَ إِنْ كانَتْ مِثْلَ زَبَدِ البَحْرِ، وَ إِنْ كَانَتْ عَدَدَ
النُّجُومِ، وَإِنْ كانَتْ عَدَدَ رَمْلِ عالجٍ، وَ إنْ كانَتْ عَدَدَ
أيَّامِ الدُّنْيَا".(78)
19/235 وروينا في سنن أبي داود وغيره بإسناد صحيح، عن رجل من أسلم من أصحاب النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قال:
كنتُ
جالساً عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فجاء رجلٌ من أصحابه فقال: يا
رسول اللَّهِ! لُدِغْتُ الليلةَ فلم أنم حتى أصبحتُ، قال:
"مَاذَا؟" قال: عقربٌ، قال: " أما إنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِينَ
أمْسَيْتَ: أعُوذُ بكَلِماتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرّ ما خَلَقَ
لَمْ يَضُرَّكَ شَيْءٌ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى".
ورويناه أيضاً في سنن أبي داود وغيره من رواية أبي هريرة، وقد تقدّم (79) روايتنا له عن صحيح مسلم في باب: ما يقال عند الصباح والمساء.
أن النبيّ
صلى اللّه عليه وسلم أوصى رجلاً إذا أخذ مضجعه أن يقرأ سورة الحشر
وقال:" إنْ مِتَّ مِتَّ شَهِيداً" أو قال: "مِنْ أهْلِ
الجَنَّةِ"(81)
أنه أمر
رجلاً إذا أخذ مضجعه أن يقول: "اللَّهُمَّ أنْتَ خَلَقْتَ نَفْسِي
وأنْتَ تَتَوَفَّاها، لَكَ مَمَاتُها وَمَحْياها، إنْ أحْيَيْتَها
فاحْفَظْها، وَإنْ أمَتَّها فاغْفِرْ لَهَا، اللَّهُمَّ إنِّي أسألُكَ
العافِيَةَ" قال ابن عمر: سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. (82)
22/238 وروينا في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما بالأسانيد الصحيحة، حديث أبي هريرة رضي اللّه عنه الذي قدّمناه في باب: ما يقول عند الصباح والمساء في قصة أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه:
"اللَّهُمَّ
فاطِرَ السَّمَوَاتِ والأرْضِ عالِمَ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ رَبَّ كُلِّ
شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أشْهَدُ أنْ لا إِلهَ إِلاَّ أنْتَ أعُوذُ بِكَ مِنْ
شَرّ نَفِسِي وَشَرّ الشَّيْطانِ وَشِرْكِهِ. قُلْها إذَا أَصْبَحْتَ
وَإذَا أَمْسَيْتَ وَإذَا اضْطَجَعْتَ". (83)
قال رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "ما مِنْ مُسْلِمٍ يأوي إلى فِرَاشِهِ
فَيَقْرأُ سُورَةً مِنْ كِتابِ اللَّهِ تَعالى حِينَ يأخُذُ مَضْجَعَهُ
إِلاَّ وَكَّلَ اللَّهُ عَزَّوَجَلَ بِهِ مَلَكاً لا يَدَعُ شَيْئاً
يَقْرَبُهُ يُؤْذِيهِ حتَّى يَهُبَّ مَتَى هَبَّ" إسناده ضعيف، ومعنى هبّ: انتبه وقام. (84)
أن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال:"إنَّ الرَّجُلَ إذَا أوَى إلى
فِرَاشِهِ ابْتَدَرَهُ مَلَكٌ وَشَيْطانٌ، فَقَالَ المَلَكُ: اللَّهُمَّ
اخْتِمْ بِخَيْرٍ، فَقالَ الشَّيْطانُ: اخْتِمْ بِشَرّ، فإنْ ذَكَرَ
اللَّهَ تَعالى ثُمَّ نامَ باتَ المَلَكُ يَكْلَؤهُ".
عن رسول
اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول إذا اضطجع للنوم:
"اللَّهُمَّ! باسْمِكَ رَبي وَضَعْتُ جَنْبِي فاغْفِرْ لي
ذَنْبِي".
(86)
سمعتُ
النبيّ صلى اللّه عليه وسلم يقولُ: "مَنْ أوَى إلى فِرَاشِهِ طاهِراً،
وَذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَتَّى يُدْرِكَهُ النُّعاسُ لَمْ
يَتَقَلَّبْ ساعَةً مِنَ اللَّيْلِ يَسألُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيها
خَيْراً مِنْ خَيْر الدُّنْيا والآخرَةِ إِلاَّ أعْطاهُ إيَّاهُ".(87)
كان رسولُ
اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه قال: "اللَّهُمَّ
أمْتِعْنِي بِسَمْعِي وَبَصَرِي، وَاجْعَلْهُما الوَارِثَ مِنِّي،
وَانْصُرْنِي على عَدُوِّي وَأرِنِي ثَأْرِي، اللَّهُمَّ إني أعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَمِنَ الجُوعِ فإنَّهُ بِئْسَ الضَّجِيعُ".
قال العلماء: معنى اجعلهما الوارث مني: أي أبقهما
صحيحين سليمين إلى أن أموت؛ وقيل المراد بقاؤهما وقوتهما عند الكِبَر وضعف
الأعضاء وباقي الحواس: أي اجعلهما وارثيْ قوّة باقي الأعضاء
والباقِيَيْن بعدها؛ وقيل المراد بالسمع: وعي ما يسمع والعمل به،
وبالبصر: الاعتبار بما يرى، وروي "واجعله الوارث مني" فَرَدَّ الهاء
إلى الإِمتاع فوحَّدَه.
ما كان
رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ـ منذ صحبته ـ ينامُ حتى فارقَ الدنيا حتى
يتعوّذ من الجبن والكسل، والسآمة والبخل، وسوءِ الكِبَر، وسوء المنظر في
الأهل والمال، وعذاب القبر، ومن الشيطان وشركه. (89)
أنها
كانتْ إذا أرادتْ النومَ تقول: اللَّهُمَّ إِنِّي أسألُكَ رُؤْيا
صَالِحَةً، صَادِقَة غَيْرَ كاذِبَةً، نافِعَةً غَيْرَ ضَارَّةٍ. وكانتْ
إذا قالت هذا قد عرفوا أنها غير متكلمة بشيء حتى تصبحَ أو تستيقظَ من
الليل. (90)
ما كنتُ أرى أحداً يعقل ينام قبل أن يقرأ الآيات الثلاث الأواخر من سورة البقرة. إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم. (91)
31/247 وروي أيضاً عن عليّ: ما أرى أحداً يعقلُ دخلَ في الإِسلام ينامُ حتى يقرأ آيةَ الكرسي. (92)
كانوا
يُعلّمونهم إذا أووا إلى فراشهم أن يقرؤوا المعوّذتين. وفي رواية:
كانوا يستحبّون أن يقرؤوا هؤلاء السور في كلّ ليلة ثلاثَ مرات: قل هو
اللّه أحد والمعوّذتين. إسناده صحيح على شرط مسلم.
واعلم أن الأحاديث والآثار في هذا الباب كثيرة، وفيما
ذكرناه كفاية لمن وُفِّق للعمل به، وإنما حذفنا ما زاد عليه خوفاً من
الملل على طالبه واللّه أعلم؛ ثم الأولى أن يأتيَ الإِنسانُ بجميع المذكور
في هذا الباب، فإن لم يتمكن اقتصرَ على ما يقدرُ عليه من أهمّه.
اقرأ بعده
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق